Senin, 18 Juni 2012

المحاضرة الحادية عشرة

الإخلاص والمتابعة شرطان لقبول العمل


لا يقبل الله عز وجل عملاً من الأعمال حتى يتوفر فيه شرطان فالأول : هو الإخلاص وهو شرط الباطن ، والثانى : هو متابعة سنة الرسول وهو شرط الظاهر ، ودل على هذا المعنى كتاب الله المنزل وسنة النبى المرسل.
قال الله تعالى : ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ) ( الملك : من الآية2) .
قال الفضيل بن عياض: هو أخلصه فإن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل ، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل .
وقال تعالى: ( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا ولا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ( ( الكهف من الآية : 110) .
فالعمل الصالح هو الموافق للسنة وعدم الشرك هو الإخلاص .
وقال تعالى: ( وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ . ( النساء : من الآية 125) .
فإسلام الوجه هو الإخلاص، والإحسان هو متابعة سنة النبى .
أ - الإخلاص:-
الإخلاص: هو تجريد قصد التقرب إلى الله عز وجل عن جميع الشوائب .
وقيل : هو إفراد الله عز وجل بالقصد فى الطاعات .
وقيل : هو نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق .
والإخلاص شرط لقبول العمل الصالح الموافق لسنة رسول الله ( ، وقد أمرنا الله عز وجل به فقال تعالى : ( وَمَا أُمِرُوا إلاّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء ( ( البينة : من الآية 5) .
وعن أبى أمامة ( قال: جاء رجل إلى رسول الله ( فقال : أرأيت رجل غزا يلتمس الأجرَ والذكْر ماله ؟ فقال رسول الله ( : ( لا شىء له )، بأعادها ثلاث مرات ويقول رسول الله ( : (لاشىء له)، ثم قال: ( إن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغى به وجهه ) (2) .
وعن أبى سعيد الخدرى ( عن النبى ( أنه قال فى حجة الوداع: (نضر الله امرءاً سمع مقالتى فوعاها ، فرب حامل لفقه ليس بفقيه ، ثلاث لايغل عليهن قلب امرىء مؤمن: إخلاص العمل لله، والمناصحة لأئمة المسلمين ، ولزوم جماعتهم ) (3) .
والمعنى: أن هذه الثلاثة تستصلح بها القلوب ، فمن تخلق بها طهر قلبه من الخيانة والدغل والشر .
ولا يتخلص العبد من الشيطان إلا بالإخلاص لقول الله عز وجل:
( إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ( ( ص : الآية 83) . وروى أن أحد الصالحين كان يقول لنفسه : " يانفس أخلصى تتخلصى ".
وكل حظ من حظوظ الدنيا تستريح إليه النفس، ويميل إليه القلب، قلّ أم كثر، إذا تطرق إلى العمل ، تكدربه صفوه ، وزال به إخلاصه، والإنسان مرتبط فى حظوظه ، منغمس فى شهواته ، قلما ينفك فعلٌ من أفعاله ، وعبادةٌ من عباداته عن حظوظ وأغراض عاجلة من هذه الأجناس، فلذلك قيل : " من سلم له من عمره لحظةٌ واحدةٌ خالصةٌ لوجه الله نجا " ، وذلك لعزة الإخلاص، وعُسْرِ تنقية القلب عن الشوائب ، فالإخلاص: تنقية القلب من الشوائب كلها ، قليلها وكثيرها، حتى يتجرد فيه قصدُ التقرب فلا يكون فيه باعثُ سواه ، وهذا لا يتصور إلا من محب لله مستغرق الهم بالآخرة،بحيث لم يبق لحب الدنيا من قلبه قرارٌ ، فمثل هذا لو أكل ، أو شرب، أو قضى حاجته ، كان خالص العمل ،صحيح النية، ومن ليس كذلك فبابُ الإخلاص مسدودٌ عليه إلا على الندور .
وكما أن مَنْ غلب عليه حب الله ، وحب الآخرة، فاكتسبت حركاتهُ الاعتيادية صفة همه ، وصارت إخلاصاً ، فالذى يغلب على نفسه الدنيا والعلو والرياسة ، وبالجملة غير الله ، اكتسبت جميع حركاته تلك الصفة، فلا تسلم له عبادةٌ من صومٍ ، وصلاة وغير ذلك إلا نادراً .
فعلاج الإخلاص كسرُ حظوظ النفس، وقطعُ الطمع عن الدنيا، والتجرد للآخرة ، بحيث يغلب ذلك على القلب، فإذ ذاك يتيسر به الإخلاص، وكم من أعمل يتعب الإنسان فيها ، ويظن أنها خالصةٌ لوجه الله، ويكون فيها من المغرورين، لأنه لم يَرَ وجهَ الآفة ِ .
كما حُكى عن بعضهم: أنه كان يصلى دائماً فى الصف الأول، فتأخر يوماً عن الصلاة فصلى فى الصف الثانى، فاعترتْه خجلةٌ من الناس حيث رأوْه فى الصف الثانى، فَعَلم أن مسرته وراحة قلبه منِ الصلاة فى الصف الأول كانت بسبب نظر الناس إليه، وهذا دقيقٌ غامضٌ قَلّما تسلم الأعمال من أمثاله ، وقلّ من ينتبه له إلا من وفقه الله تعالى، والغافلون عنه يَرَوْنَ حسناتهم يوم القيامة سيئات ، وهم المقصودون بقوله تعالى : ( وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا ( ( الزمر : من الآيتين 47 ، 48) .
وبقوله عز وجل: ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ( ( الكهف : الآية 103- 104) .
المفردات الأساسية :
توفر/يتوفر- متابعة – تجريد – شائبة ج شوائب – الموافق – التمس/يلتمس – ابتغى/يبتغي – حظ – تطرَّق - منغمس – نجا/ينجو – تنقية – مسدودٌ – المغرورين – اعترى/يعتري - خجلة – انتبه/ينتبه - دقيقٌ غامضٌ .

المحاضرة الثانية عشرة
بعض الآثار عن الإخلاص
قال يعقوب: " المخلص من يكتم حسناته كما يكتم سيئاته " .
قال السوسي: " الإخلاص فَقْدُ رؤية الإخلاص ، فإن مَنْ شاهد فى إخلاصه الإخلاص فَقد احتاج إخلاصه إلى إخلاص " . وما ذكر إشارة إلى تصفية العمل من العُجْب بالفعل ، فإن الإلتفات إلى الإخلاص، والنظر إليه عٌجْب ، وهو من جملة الآفات ، والخالص ما صفا عن جميع الآفات .
قال أيوب: "تخليص النيات على العُمّال أشد عليهم من جميع الأعمال" .
وقال بعضهم: " إخلاص ساعة نجاة الأبد، ولكنّ الإخلاص عزيزٌ".
وقيل لسهل: أى شىء أشد على النفس؟ قال : " الإخلاص ،إذ ليس لها فيه نصيب "
وقال الفُضَيْل: " ترك العمل من أجل الناس رياء ، والعملُ من أجل الناس شرك، والإخلاص : أن يعافيك الله منهما " .
فضل النيّة
عن عمر بن الخطاب ( أنه قال: " أفضل الأعمال أداءُ ما افترض الله تعالى، والورعُ عما حرّم الله، وصدقٌ النية فيما عند الله تعالى " .
وقال بعض السلف: " رب عملٍ صغيرٍ تعظمه النية ، وربّ عمل كبير تصغيره النية "
وعن يحيى بن أبي كثير: " تعلّموا النية ، فإنها أبلغ من العمل " .
وصحّ عن ابن عمر أنه سمع رجلاً عند إحرامه يقول : اللهم إنى أريد الحج والعمرة فقال له : " أتُعْلم الناس ، أوَ ليس الله يعلم ما فى نفسك": وذلك لأن النية هى : قصد القلب ، ولا يجب التلفظ بها فى شىء من العبادات وإنما يشرع فى الحج والعمرة أن يقول : لبيك اللهم بحجة أو بعمرة أو بعمرة وحجة إن كان قارناً ، وهو الذى يسمى بالإهلال .
متابعة السنّة
والشرط الثانى لقبول العمل أن يكون العمل مطابقاً لسنة النبى ( لحديث عاشئة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله (: " من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وفى رواية لمسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد (4) .
فهذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام ، فكما أن حديث: " الأعمال بالنيات " ميزان للأعمال فى باطنها فهو ميزان للأعمال فى ظاهرها فكما أن كل عمل لايراد به وجه الله تعالى فليس لعامله فيه ثواب فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله فهو ردعلى عامله فقوله: " ليس عليه أمرنا " إشارة إلى أن أعمال العاملين كلها ينبغى أن تكون تحت أحكام الشريعة فتكون أحكام الشريعة حاكمة عليها بأمرها ونهيها، فمن كان عمله جارياً تحت أحكام الشريعة موافقاً لها فهو مقبول، ومن كان خارجاً عن ذلك فهو مردود.
أوجب الله عزَّ وجلَّ علينا طاعة رسوله ( قال تعالى: ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ( ( الحشر : من الآية 7)
وقال تعالى: ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضلالاً مُّبِينًا ( ( الأحزاب : الآية 36)
وجعل الله عز وجل اتباع سنة رسول الله ( علامة على محبته فقال تعالى : ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ( ( آل عمران : من الآية 31)
قال الحسن البصرى: ادعى ناس محبة الله عز وجل فابتلاهم بهذه الآية : ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي ( ... الآية .)
كما أوصى النبى ( بالتمسك بسنته وسنة خلفائه الراشدين فقال ( : " فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى عضّوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة " (5) .
قال الزهري: الاعتصام بالسنة نجاة لأن السنة كما قال مالك : مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها هلك .
وقال سفيان: لايقبل قول إلا بعمل، ولا يستقيم قول وعمل إلا بنية، ولا يستقيم قول وعمل ونية إلا بمتابعة السنة .
من كتاب "تزكية النّفُوس" لفضيلة الشيخ د. أحمد فريد

المفردات الأساسية :
كتم/يكتم - فَقْدُ رؤية – العُجْب – عافى/ يعافي – الورع – عضّوا – النواجذ من ناجذ – محدثات الأمور .



= = =


0 komentar:

Posting Komentar